رغم التحديات التي تواجه المستهلك المغربي في ظل تصاعد الأسعار وانتشار ممارسات تجارية غير عادلة، لا يزال مشروع تعديل القانون رقم 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك حبيس رفوف الإدارات، دون أن يرى النور، رغم مرور سنوات على انطلاق النقاش بشأنه ومطالبة الفاعلين المدنيين بالإسراع في اعتماده. هذا التأخير بات يثير استياء عدد من مكونات المجتمع المدني التي ترى فيه استهتارا بحقوق ملايين المستهلكين.
وفي هذا السياق، أعربت الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلكين بالمغرب عن قلقها العميق من الجمود الذي يطبع هذا الورش التشريعي، رغم ما وصفته بـ”الانخراط الجدي” من طرفها وجمعياتها في المشاورات واللقاءات الرسمية التي سبقت إعداد التعديلات. واعتبرت الجامعة أن التأخر غير المبرر في إخراج القانون يمس بمصداقية المؤسسات المعنية ويجعل المستهلك الحلقة الأضعف في السوق الوطنية.
وأضافت الجامعة، في بلاغ لها، أن النقاش بشأن تعديل القانون قد انتهى، وأن النسخة النهائية للتعديلات جاهزة منذ مدة، محملة الوزارة الوصية مسؤولية التعثر بسبب غياب التزامات زمنية واضحة أو توضيحات للرأي العام حول مبررات التأخير. كما دعت الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها الجماعية في ضمان حماية قانونية حقيقية للمواطن المغربي.
وأكدت الجامعة أن حماية المستهلك ليست مجرد شعارات سياسية أو نصوص جامدة، بل ركيزة دستورية تمثل جزءا من الأمن الاقتصادي والاجتماعي، محذرة من أن استمرار الوضع الحالي يفتح الباب أمام مزيد من الممارسات التجارية العشوائية والتضليل والغش، خاصة مع تنامي التجارة الإلكترونية وتوسع الأسواق الافتراضية دون ضوابط واضحة.
يشار إلى أن وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، سبق وصرح أمام مجلس المستشارين في دجنبر 2023، أن مشروع القانون الجديد المتعلق بحماية المستهلك يوجد قيد الدراسة، وسيحال قريبا على مجلس المنافسة لإبداء الرأي، تمهيداً لعرضه على البرلمان. وأكد الوزير أن الحكومة تراقب الأسعار بشكل يومي وتشرف على فحص أكثر من 50 منتوجا لضمان شفافية الأسعار.
وأكد مزور أن السلطات تعتزم تقنين الممارسات التجارية المرتبطة بالتخفيضات والعروض الترويجية، إلى جانب إدراج مفاهيم جديدة تتعلق بالمنصات الإلكترونية، وفترات التصفية، والقروض المجانية، بهدف حماية المستهلك من التضليل والمغالطات التسويقية.
وتتضمن التعديلات الجديدة في مشروع القانون مقتضيات تخص الممارسات التجارية المضللة، وتعريفا واضحا لمتعهدي المنصات الإلكترونية، ومعلومات إلزامية يجب أن تُقدم للمستهلكين، إلى جانب منح جمعيات حماية المستهلك آليات أقوى لمطالبة الموردين بالامتثال أو التوقف عن الممارسات المخالفة، ما يهدف إلى تعزيز الحماية القانونية وتحسين توازن العلاقة بين المستهلك والمورد.
